في بيت من بيوت الأعظمية، أبصرت نور الوجود، وكافحت طغيان الخوف والقهر بالكتابة. عبرت ممرات الألم، وحاربت الموت لتمارس فعل الحياة على الورق. ولأنها ترفض الأقفاص هاجرت مع الحمائم نحو مدن كثيرة، فحطت رحالها في أكثر من واحدة،والآن يصلنا هديلها من باريس. إنها الروائية العراقية المغتربة عالية ممدوح، الفائزة بجائزة نجيب محفوظ عن روايتها “المحبوبات” عام 2004 ، والتي تعيش غربة تختار مقاساتها وألوانها بنفسها.
مارست شهوة الألم فامتلأت رواياتها بالعويل والفقدانات والخيبات، لم تبحر يوماً إلاّ بعكس اتجاه التيارات، كسرت رواياتها كل التابوات، واخترقت كل الخطوط الحمراء، وكل مألوف وثابت في مجتمع يَطحن ويُطحن..
كان لنا معها هذا الحوار، الذي تألقت فيه فيلسوفة جميلة، عميقة، ومسكونة بكل المتضادات، وبكل الفضول والخطر بحسب اعترافها.
قبل أن نبدأ حوارنا معها أحبت أن تبدأه هي:
بدءا أود أن ادون امتنانا وتقديرا للدكتور الناقد والباحث والمشرف على رسائل طلبة الدراسات العليا والدكتوراه نجم عبدالله كاظم، الذي عرّف بأعمالي بأمانة وإخلاص أكاديميين لطلبته فعرفني على الباحثة هديل عبد الرزاق، والتي أتوقع ان تكون صوتا نقديا ممتازا في التحليل والتأويل في قادم الأعوام الآتية، فقد قامت بالتفلية والغوص في رواياتي، ولقد أتعبتها بدوري، كما أتعبتني وأسعدتني بطريقة أسئلتها الاستفزازية ذات الذكاء والعمق، فهي تشي بأنني أمام قارئة تفحص ما يقع تحت الجلد، جلد المؤلفة، وبالتالي جلود الشخصيات المركزية للأعمال الروائية، وأخيرا للتواد الحميم، والتواصل المتأخر، مع الكاتبة المميزة التي أتابعها وعن بعد وأنتظر جديدها دائما؛ ميسلون هادي .
ثم ابتدأ مشوار حوارنا في رحلة ممتعة..
– كتاب “الأجنبية” الصادر حديثاً عن دار الآداب في بيروت، مثار فضول وتساؤل المتلقي عن الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه، هل هو رواية، أم سيرة ذاتية، أم ماذا؟..
“الأجنبية” كتاب يدخله اللبْس ويحاول أن يحرّف مفهوم ضرورة وضع ما يسمى بالجنس الأدبي؛ رواية، قصص قصيرة، بحث ونقد الخ. فتنت بكتب امبرتو ايكو السردية الفكاهية التي تحمل سيرورتها الداخلية من الظرْف والأسى والسخرية، أكثر من بعض رواياته التي لم توفق الترجمة مع الأسف في نقلها إلينا. أي كتاب تنبع أهميته من داخله، من أسئلته واستفزازه وعصيانه على وعلى… وليس من جنسه وتجنيسه. هذه محاولة وربما ستتبعها محاولات؛ كتاب مضاد للآجناس الكتابية ولم لا؟ حاولت أن اخفف من غلواء الكتابة الروائية، وأدع السيرة الذاتية معوجة في عامودها الفقري، فندخل في مكر الكتابة الحرة. لم أُشغل نفسي في التصنيف كي اواصل الكتابة في هذا الكتاب وعلى سجيتي. ترى ما أهمية التجنيس اليوم والعالم أصبح يهاجر ويرحل وبلا أرض مستقرة؟ . ناشرتي العزيزة رنا أدريس وهذا من حق الدار فالكتاب سلعة في الختام، وضعت على الغلاف الداخلي للكتاب وهو قيد الطبع كلمة “رواية” وحين وصلني الكتاب في نسخته الأخيرة على النت، وشاهدت كلمة رواية بادرت وشرحت ما نوهت به قليل، وتم خذفها. الكتاب ليس رواية وأيضا هو ليس سيرتي الشخصية، والتي كلما أقرأ لقب سيرة على أي غلاف كتاب أشعر أنني أمام عمل قانوني، وبه نوع من المرافعة ونحن داخل محكمة. الرواية أيضا لم تجتمع في الكتاب إلا بما يشبه النمش فوق جلد الكتاب. حسنا، ما على القارىء الرصين إلا جلب ذاته هو لكي يراه على حاله وأصله، ولذلك كتبنا على غلاف الكتاب الخارجي العنوان وتحته بخط صغير : بيوت روائية ، فالكتاب مقسم الى بيوت وفي كل بيت غرف خلفية وجنينة وطارمة صغيرة، وسرداب معتم رطب علينا تهويته وفتح أسارير وجهه العتيق وهذا هو الأهم .
– لمن وجهتِ “الأجنبية”؟ فالقارئ يلاحظ أن الكتاب ضمّ اسماءً لأشخاص معروفين وتضمنت شهاداتك بحقهم وشهاداتهم بحقك، فكان اشبه بشهادة على العصر، فهل هو موجه لأحد ما بعينه أو لأشخاص أو فئة؟..
أهديت الكتاب إلى أصدقائي، ودائما أتذكر قولا ظريفا لصديقة جد عزيزة : إنك تستحقين أعداءك. وأنا إلى هذه اللحظة لا أعرف من هم حقاً، فلم اتوقف عندهم يوما. كلمة شهادة على العصر كما جاءت في السؤال فضفاضة، فأنا لم أبلغ إلا عن الفشل والنقص في الحياة، حياتي وحياة من جاورته. تذوق الخوف البطيء، تأمله وتحليله لكي لا يتملكنا نهائيا فالخائف لا يكتب أدبا مُهمّا لأنه غير قادر للذهاب إلى الأقصى في كل شيء، لكن الخوف ذاته مادة إبداعية شديدة الأغراء تجعلنا نمعن الفحص الغائر العميق داخلنا لكي نحل مكانه البسالة واليقظة والعزيمة.
– الخوف.. برزت ثيمته وهيمنت على بنية وتوجه الكتاب، وامتدت من الطفولة لتشمل كل ما بعدها من مراحل ومحطات حياتية، هل كبر الخوف معك بمرور السنين، وهل هو اليوم أكبر من السابق أم أقل، ومم تخاف اليوم عالية ممدوح؟..
اليوم لست هيّابة قط مما أريد قوله وفعله وتدوينه. لقد ذهبت إلى أمكنة وأزمنة وكتبت عنها، عن تواريخ دامية وأشخاص شرهم موصى عليه، وعبر حقبة سقوط الملكية إلى دخول الشقر والسود بالدبابات الأميركية إلى بلدي. اشتغلت على خوفي الشخصي، وحاولت القيام بكشف وجهه وبدون أعذار أو ذرائع . اليوم خوفي غير خاضع لقواعد ذاتية تأخذه إلى المسكوت والتابو وغير المألوف، والمحرم فقد جربته كله الخ . اليوم الخوف نقطة ارتكاز غير محددة لأمة ذاهبة وبخطوات أسرع من البرق إلى حتفها، بعدما توصلت إلى انجاز مشروع الأقصاء والتزمت والتكفير والغاء الآخر. هذه أمة مهووسة بالماضي، مسممة من ذاتها لذاتها، تعاند الجدار الذي وصلته، ومصرة على ضرب الجدار ولو بصورة عبثية. تحصل أمور لا يسعنا الا القول انها ذات طابع أجرامي وشائن. تحضرني قصيدة ادونيس: {هذا هو أسمي } وفي مقطعها: “” فليأت الخراب الجميل “” الخراب الذي يحضر اليوم في عموم البلدان ذات الحيوية الحضارية قد بدأ منذ عقود ،لكنه أخذ اليوم طابع بث الرعب والذعر، وليس في عبارات مبهمة وإنما بلغة فصيحة جدا؛ ان المستقبل ليس مؤجلا وأنما ملغى .
– تقولين في “الأجنبية” إنك تخفين رقبتك النحيفة والطويلة خوفا عليها من الكسر “إن الرقبة النحيفة والرفيعة جداً قد يتم كسرها بمنتهى السهولة” هل هناك ما كسر عالية ممدوح، هل شعرت يوما بالانكسار وبأن شيئا ما كسرك فعلاً؟..
آه ، ما زلت أقوم بهذا وبتنوع ، وبعد التقدم بالسن وتغير لحم الرقبة صار الشال ضرورة ذات نفع جمالي أكثر شياكة عن السابق، وهو أيضا مصالحة مع الذات لتقبلها ونحن نصل سن الأفول التام. أظن ان ما نتصوره قد حدث في أحد الأيام ان أحدهم كسر رقبتي أو فلان الفلاني استطاع خرس أو قطع لساني الطويل أيضا أو أو… أشعر اليوم بالعكس من ذلك تماما، لم لا يكون هو ضحيتي وأنا جلاده؟. إننا لا نعرف كيف يرانا الآخر وبأية خانة يضعنا وما هي نوعية الأذي الذي نسببه له أو لها أو لهم، علينا ان لا ندير اللعبة على حساب الكسر والانكسار، والربح والخسارة . بعض خساراتي اذا كان من الضروري استخدام كلمة خسارة وفي جانبها الشخصي كانت ربحا صافيا أضاف إلى رصيدي الروحي والإبداعي الكثير. هنا في الغرب القاسي جدا، العقلاني والبارد والفردي فوق التصور، ما عليك إلا ان تتعلم صيانة وحدتك الروحية الصافية وان تقوي عزلتك وتعاود وتتعلم في كل لحظة ان يكون تواضعك لامتناهيا، فالعالم هائل ومذهل من حولنا، والحياة جد قصيرة والاحتياطات التي نملك من الطاقة والشغف والصحة توشك ان تنضب .
– هل تشعر عالية ممدوح اليوم أنها بلا هوية، هل شعرت يوما انها سلبت منك، سواء من قبل الرجل، أو الآخر الغربي، او السلطة. وماذا تعني الهوية لك؟..
الهوية مدلول رجراج متحرك ولا يستقيم في تعريف ثابت ونهائي. ليست هناك هوية رقراقة بيضاء وخام . اصحاب الدم الأزرق طوحت بهم الحروب، وآخرها الحرب العالمية الثانية وقد يعودون ثانية على أسس اقتصادية وانتروبولوجية متحركة وجديدة قادمة: {اليمين المتطرف وفي جميع أنحاء العالم وبضمنه الحركات الأصولية المتزمتة والتكفيرية عندنا وفي الشرق الأقصى أيضا الخ}. هويتي لم تقض مضجعي يوما، حتى والسفارة العراقية بباريس ترفض تجديد جواز سفري العراقي ولفترة أعوام، (اليوم انتهت محنتي). لم اشعر انني أحيا في حالة عُمي أو انني محرومة من الصلابة الروحية، لكني بقيت لا استطيع تلبية الدعوات الأدبية التي توجه إلي وفي شبه سجن الخ . كنت وما زلت قادرة على تعريف نفسي بنفسي ـوخارج جميع المرجعيات والتصنيفات بأسرها، هويتي ليست عراقية صافية ولا سورية صافية فأنا لا أرى حالي هكذا. مجرد أثنتان فقط، هل يعقل هذا؟ إنني كائن أحاول امتلاك أكثر من عينين وذراعين ورأسين. لا أقدر على الإنفصال عما يحدث في بلدًي العراق وسوريا لكنني أعيش في هوية، هويات متعددة من هذا الصحو والوعي الثقافي والذهني الذي يمنع عني منعا، آمل ان يكون نهائيا، الشطط والتزمت والاقصاء والتأثيم والثأرية. وهذا لم يتحقق إلا بإعادة تربية وتأهيل ذاتي وأفكاري، واولوليات حياتي ووجودي وقراراتي ما بين الغرب والشرق . إن الثراء الثقافي الذي أعيشه يدفع بي إلى تأمل وتحليل كل هذا الذي يحصل عندنا وعندهم، الغرب والشرق. ولعل كتاب “الأجنبية” به بعض الأسئلة التي ما زلنا نتداولها كعرب ومسلمين، في محاولة ان لا نعذب أنفسنا بانفسنا فوق عذاب الآخرين لنا. لا أحد يقدر على سلب هويتي، إلا إذا كنت على استعداد لأن أسلب وأنهب وبالتالي على الإختفاء. لم يقدر لا رجل ولا سلطة ولا نظام سلب هويتي فلا أحد يختار لك هويتك، ولا هويتك هي أمر منجز تام. الهوية عملية تراكمية ذات صيرورة مستمرة حتى نغادر الدنيا.
– ثوب نرتديه أمام الناس..أو فصله لنا أهلنا والمجتمع، ماهي مقاساته لدى عالية ممدوح؟ ماهو لونه؟ وماهي متانته للسباحة ضد التيار؟..
الثياب أقنعة مثل غيرها من الأقنعة . أفضل ان اعرضها في مؤلفاتي ، كما في ـ”غرام براغماتي” في فصل خزانة الملابس المستعملة حين أخذت راوية الشخصية المركزية في الرواية كل ثوب، وذهبت معه إلى ألغاز الشغف والنشوة في تفكيك آلياتها في سبر العلاقات البشرية والغرامية . تأويليا ، لم انكمش تحت ثيابي خجلاً أكثر من بنات الحي أو المدرسة التي درست فيها . البيئة التي تربيت فيها كانت منفتحة دينيا فوق التصور، لا أذكر انني قٌهرت أو أُجبرت على الفروض أو الواجبات . لكن تلك البيئة أيضا كان نفاقها بدون حدود، ولذلك كنت اواجهه عبر سلوكي الفج والساخر. بقيت اواجه مخاوفي بسيل من الفكاهة والصلافة، فما زلت للساعة اكافح طغيان الخوف بالكتابة . فلم أسمح لمخلوق أن يكون وصيا على مصيري وقراراتي حتى لو كان بعضها على خطأ . عموم ثيابي هجينة لا تؤمن أو لا تعترف بالثياب الواحدة ، أو الزي الموحد ، أو اللون الثابت . الهجنة في كل شيء . علاقاتي وصداقاتي وأصحابي عبر العالم . اولئك الذين اتعلم منهم التواضع الجم وإتقان الوحدة ، وحدتي التي ابجلها فوق التصور ولا أسمح لأحد باختراقها حتى لو كان لوحيد مثلي . هل تعلمين يا عزيزتي هديل ، وللتو ، أفكر لو لم اكن كاتبة لكنت مصممة أزياء، أو صاحبة مقهى شعبي يعرض الأزياء والموسيقى ويقرأ صفحات من كتب مختارة مع الشاي العراقي الثقيل . شخصيا لا علاقة لي بما يسمى الموضة ، التأليف على الموضة النضالية ، أو الوطنية، أو الدينية، ولا حتى في الأزياء فأنا بالفعل اصنع موديلاتي ولوحدي ، ثيابي الشخصية وكتبي. بدءا من الشالات والقلائد واشتباك الموديلات ما بين الافغاني والفارسي والهندي، والكردي والعربي الخ. إنني لا أجيد السباحة إلا ضد التيار فهذا يدع تيلة الموهبة تتفتح وتزهر .
– سميت موقعك الالكتروني بـ”الغلامة” على اسم رواية شهيرة لك، من صنع هذه الغلامة في داخل عالية ممدوح؟
لابد من الاشارة ان عنوان الموقع وتأسيسه كان بمبادرة لطيفة، وبعد قراءة الغلامة من الشاعر سعدي يوسف الذي عرفني بدوره على الفنان الحيوي جدا ، ومؤسس مختص بالمواقع الأدبية والثقافية عبد الرزاق حسن . كنت مترددة جدا ثم حدث وبدأ الموقع يستقبل ضيوفا من جميع انحاء العالم فهو بثلاث لغات . أظن وبعد تأسيس هذا الموقع بدأت اشعر ان لدي ضيوفا سوف ادعوهم أسبوعيا على مائدة من اطباق اشتغلنا عليها سويا . اؤلئك من شغفت بأعمالهم واستهوتني أفكارهم . فالموقع في الأخير هو فسحة للضيافة على كل مؤلفة/ مؤلف التفكير الجدي بتأسيسه والمثابرة على تحديثه حتى لو تدخل بعض الخبثاء لعرقلة إعداده او ارباك ملفاته وبطريقة خرقاء ومضحكة، لكنه يظل عملاً إبداعياً يضاف إلى أعمالك . عليه أود إعلان ذلك فمن الجائز من يقرأ هذا يفكر بتأسيس موقعه وها انا أروج لعبد الرزاق فهو يستأهل الكتابة إليه على هذا العنوان : [email protected]
أما اسم الغلامة ، هنا علي التنويه ان مؤنث رجل اللفظي هو رجلة . الغلامة تأنيث للغلام نادر الاستعمال . هو لقب اطلقه علي شخصيا أحد الاصدقاء، وإذا ما زال حيا فله أجمل التحيات ، كنت شديدة النحول وصاحبة قسمات وبُنية غلامية . لم تنسحب تلك الاستعارة بكل حولتها ، ولا ماتت في الخفاء . استحضرتها وشطفتها من الغبار فسلمتها لصبيحة ذات الأسماء الحركية المتعددة ، فهي تستحقها أكثر مني .
– تعلقاً بالسؤال السابق تعد رواية “الغلامة” من أكثر رواياتك غنى معرفياً، وغموضاً، وامتلاءً بالأسرار، ما هو السر في مغادرتك الواقع وتوظيفك لأسطورة برج بابل في الفصل الخاص بقصة هجران وحبيبها رامي؟..
أسئلتك شديدة الإثارة يا هديل وهي تردني إلى حالي وليس إلى النص فقط . تردني إلى حقب دموية . على صعيد الإبداع في جميع صيروراته ، شخصيا أفضل الأعمال التي لا تمنحني نفسها حالا وليكن أبدا، لكي أبقى على حوافها وتلاطمها. حتى في العلاقات البشرية افضل البشر المدجج بالأسرار والغموض، فهو يثيرني جدا ويثير فضولي ويبدو لي حاشدا بالأخطار التي تتربص بي لكي اتأهب لها في عدة معرفية وروحية. لا تستهويني المؤلفات التي تقول لغزها منذ الصفحات الأولى فأعرف الختام. الغلامة، حاولت شحنها بهذا سرديا وبناء وتشكيلا للشخصيات. من قال إن الاساطير لا تعود وتهزم الواقع والوقائع ، وأي واقع باستطاعته ان يقاوم الأساطير. أظن بعض الأساطير راسخة الجذور. كدت أقتل حالي لاستجلابها إلى النص والاشتغال على الفجوات ما بين كلكامش وانكيدو، وأنا أدعها تتكيف مع شظايا رامي البعثي الغدار الذي مزق فؤاد هجران. ما كان أمامي إلا قصة برج بابل وكيف أرويه بالاستعارات الايروتيكية والميثولوجية دون غيرها من الأساطير. في هذا الفصل بالذات تنحى الواقع نهائيا ، وانتظرتُ هجران بفارغ الصبر ان تبقى في أعلى البرج، فنزولها كعروسة كان سيدعها ُتزف إلى الجنون والاختفاء ضمن بناء الأسطورة ذاتها وهذا ما حدث.
– هاجرت من بغداد منذ ثلاثين عاماً، هل ثمة شوق يعتريك لبغداد؟ وأي المدن أقرب إليك الآن؟ هل تنتمين الى المكان الجديد بسهولة؟ وماهو ناتج القسمة الطويلة لباريس على بغداد؟..
يوميا أقتل الشوق ما ان يمد رأسه ويريد ان يقلبني رأسا على عقب. الأشواق آثارها أخطر من آثار الزلازل . علي اليوم ان اخترع جهازا جديدا لقياس مضاد للأشواق التي ينبغي الانفلات من مرضها وحماقاتها. لم يبق أي حيل، طاقة عندي . جدتي كانت تسمي ذلك بـ ـحوصلة على الاشواق ، حتى أنني ما زلت أتساءل: ما هي الغاية من الأشواق؟.
أما تلك المدن الأقرب إلي فهي باريس بمعنى من المعاني بعد مدينتي الإبليسية بغداد ثم بيروت ، المدن التي تبدأ بحرف الباء فكتبت عنها نصا طويلا . باريس ، كانت فيها خصوبة أنوثتي تشتغل بوتيرة جميلة ومطيعة لي، وحيويتي وبشاشتي الروحية في الأوج . إنني أعيش عمري بكل اطيافه ولحظاته وأنا في الأوج في الحياة والتدوين بصرف النظر عن المستوى الإبداعي. إن مناخات الحرية الهائلة تدوّخ، وهي ذات عدوى مخيفة لي شخصيا ولشخصيات كتبي. هنا احاول ان أكون أنا، أصير أنا، ان لا أنكر عيوبي وعثراتي واغلاطي. النكران ظاهرة عراقية وعالمية بالطبع. البعض ينكر سنه ومرضه، غرامه وهشاشته. ينكر خيانته ونذالته. الإنكار في التحليل النفسي، مرض اذا تفاقم يوصل صاحبه للانحلال وخداع النفس. انت تسمينه اندماجا كما تقول به أدبيات الجمهورية الفرنسية. أنا لم اقدر على الاندماج حتى مع الرجل الذي اغرم به. مزاجيتي وفرديتي وربما أنانية الكاتبة تربك الآخر كثيرا .
– كم مسودة تكتبين للعمل الواحد؟ وكم هي مساحة المحو والإضافة بعد المراجعة؟ وهل تقومين بإتلاف بعض المسودات؟..
أكتب، ودائما وكأنني أكتب للمرة الأولى. قلبي ينتفض بين ضلوعي، وأسمع ازيزه العالي فأنا لا اثق كثيرا بما أكتب، فأعاود وأعود. المحو حارسي الأمين وهو الذي يجعلني انتشي بلذته. طاعتي للشطب وقيادته لي اقوى واشد وقعا من الكتابة ذاتها. جميع مسودات كتبي احتفظ بها ونادرا ما اعود إليها إلا عرضا. كدستها في اكياس ووضعتها في المخزن الخاص بكل شقة تحت الأرض . ما زلت أكتب رواياتي على كراسات بيضاء ذات سطور متناسقة شغل الانكليز. اشتريها بالجملة من المكتبة البريطانية هنا. استخدم النت في كتابة مقالاتي فقط . ما عدا “الغلامة ” معذبتي الحقيقية والتي أعدت بعض فصولها 16 مرة . باقي الروايات أشتغل على فصل وراء فصل حتى اشعر انه صار ناجزا . منذ “المحبوبات” وإلى كتابي الذي اشتغل عليه اليوم، احضَر ما اريد من ارشيف ونصوص وكتب تضيء ما انوي الاشتغال عليه. لقد شطبنا صفحات كاملة انا والمترجمة الفرنسية من الغلامة. وهذا ذاته حصل في الطبعة العربية الجديدة التي ستظهر من “الغلامة” و”المحبوبات” عن دار الآداب بعد انتهاء عقدي مع دار الساقي .
في رأيي ليست هناك نصوص مقدسة ،ولا يجوز المس بها أطلاقا. في بعض دور النشر في الغرب يقوم الناشر برمي اعشاشك وطيورك التي بقيت تربيها لأعوام إلى المحرقة، هكذا بتحاب أو بشجار مع العمل إلى ان يظهر للعلن، فيبدو للبعض منا أن لا علاقة لنا به.
– للشخصية أهمية كبيرة في داخل عالمك الروائي، فهي تحيا التناقضات والتحولات والأزمات، وتواجه مصائرها، وتعبر عن ذواتها بنفسها، فتكشف رواياتك عن بعد سايكولوجي عميق، كيف تتعاملين مع شخصياتك؟ هل تسعين إلى إحكام السيطرة عليها، أم أن زمام الأمور سرعان ما يفلت من بين يديك؟..
احاول ان لا يفلت هذا اللجام من يدي . واحاول ان لا ادعه رخوا أيضا فيقضي على الفعل ومنجزاته. حين اشتغلت على الغلامة أنا والمترجمة الفرنسية ووصلنا إلى فصل هجران، شعرت انه سيغمى علي مثلها. وكلما يقع بصري عليها وأنا أقَلبها بين الكلمات والاستعارات يقشعر بدني واضرب الأرض بقدمي؛ كيف تركتني لقسوتي ان اقوم بتهشيم جمالها الصاعق وغرامها المستحيل، وتفتيته كما في تلك المقاطع في مستشفى الأمراض العصبية. علينا ان ندع الموت أو الجنون أو الخراب يختبىء في رجل أمن، أو قميص مستشفى مسموم أو كبرياء نبيلة لا تحتمل الظلم والهوان كما مع هجران. هذه الشخصية الوحيدة التي أنا التي تشبثت برقبتها ولليوم لكي لا يقضى عليها بتلك الطريقة التراجيدية فبقيت تسحبني معها لجنونها التام . صبيحة جبارة، قاهرة، حتى طريقة موتها اخافتني وهي ترتبها لي. قصاصها الوحيد هو تأليفها وسطوتها وسخريتها من المؤلفة. أما الشخصية التي ما زلت اتمنى العثور عليها واقعيا، والتي وقعت في غرامها، فهي شخصية نسيم جلال في “التشهي” ـ صدقا، لا اعرف هل يجوز للمؤلفة ان تقع في هوى أحدى شخصياتها اللطفاء؟ ترى ما المانع من ذلك؟ إنني أبحث وبشغف قاتل عن ذلك النسيم الجميل العليل في ما حولي، في الحياة، في المكان والزمان فهو شخصية جعلت قلبي يدخل في حماسة لا نظير لها. هذه شخصية استطيع ان اسلمها قلبي واخذ مواعيد لنفسي معه. عاطفيا، إذا ما عثرت عليه في احد الأيام سوف اكتب ذلك علنا.
– كيف تنظرين إلى ثورات الربيع العربي، وإلى واقع المرأة في ظل الحكومات العربية الجديدة؟ هل هنالك مجال للتفاؤل برأيك؟ وما تأثير هذا الأمر في أعمالك الروائية القادمة؟
قد يبدأ المرء قديسا وينتهي سفاحا. الأعمال دائما بالخواتيم. لكن بجانب هذا التدمير الذاتي الذي شاهدناه في العراق قبل وبعد واثناء الغزو والاحتلال ولليوم، ونشاهده في بلاد العرب وفي كل مكان مر به الاعصار. خضات الشعوب تنتظر في بعض الأحيان عاما ضوئيا وليست شهورا. في رواية “المحبوبات” حملت سهيلة راية الرقص الشعبي. فالرقص حالة من الوجد الصوفي والانغمار في الكون والموسيقى والجمال، في التعدد والاختلاف. حَملت سهيلة ذلك الأرث الحضاري لوادي الرافدين في مغزى واحد؛ إن داخل جسمها وآليات رقصها كان العراق يقتحم ويتبرعم في سائر الفنون. اردت ان ارفع الحيف عما لحق بالفن من أمور شائنة، وما لحق بالمرأة من ضيم وغصص. من تنكيل وقهر. سهيلة العراقية كانت مخلوقا مضادا للتطرف والتعصب والتكفير والاقصاء. فمحبوباتها متعددات الألوان والاجناس والاديان. فكانت تنتج الجمال برقصها وتعمل من الصداقات رافعة للحضارات والثقافات عبر مروحة أنثوية شاسعة جدا. وكأنني كتبت تلك الروح الباسلة والجامحة لكي اجعلها علامة، أو بيرقا عراقيا اصيلا لما ينوي ان يفتك ويرسم للعراق من ردة شنيعة للنساء ، وهذا هو الذي ظهر ساطعا في مصر وليبيا وتونس من ادوار عصر الانحطاط العربي في اعلى مراحله .
– يشكل النهر في رواياتك هاجساً لا يمكن للقارئ أن يغض الطرف عنه، فشخصياتك ترتبط بشكل روحي معه، بل نجدها ترتبط مع الفرات بعاطفة تثير التساؤل، على العكس من العلاقة مع دجلة، فلماذا شكل الفرات في رواية الغلامة فضاءً للحياة والحب، في حين شكل دجلة فضاءً للجريمة والقتل والاستلاب والموت؟..
ولدت في حي الأعظمية في بيت قديم ،وأمام جامع الأمام أبي حنيفة النعمان. كان دجلة ما ان امد يدي حتى ألمسه، وانا اقف أمام الجرف. كان نعمة ورجاء ، لكنه كان أشد اقلاقا لي حين شاهدت رجال الشرطة يلاحقون المتظاهرين في العهد الملكي وأنا طفلة، فأزهقت ارواح الشباب وهم لا يجيدون السباحة. الأنهار العظيمة في كثير من الأحيان تكافئ مكتشفيها وعشاقها بالقتل. ولكن بفضل اولئك الشبان اليافعين الجسورين كنا نستطيع ان ننتزع من حيواتهم طريقة حزينة في انقاذ الغير أيضا. ما يخص صبيحة بالذات في رواية الغلامة، كانت منازلتها الكبرى، هي السباحة في الفرات مع بدر. الفرات كان منطقة نفوذها وغرامها وسطوتها ودجلة كان ختام عشقها وحياتها. نهران ختما على صبيحة بالذات بالتطهير ولعنة الفتك.
عشتُ في السماوة حين كنت في الصف السادس الأبتدائي وكان والدي معاونا للشرطة ونسكن في بيوت خاصة لمديرية السكك الحديدية وكان بيتنا يقع قريبا من الفرات. إذن، أنا كفتاة كانت مياه الرافدين تغسلني وتعيدني مجلوة ونظيفة. هذا من الأسئلة الفاتنة يا هديل، فلم ينتبه أي ناقد وكثير جدا من النقاد كتب عنها صفحات إلا أنت لأكتشاف الكنايات ما بين نهرين عظيميين غامضين لم يمنحا من جاورهم الطمأنينة. فالمياه العذبة والمالحة لم يستنفدها التاريخ بعد.
– من يتفحص نتاجك الروائي يجده زاخراً بحضور الآخر الغربي فيه، ماذا يشكل لك الآخر، وما هو موقفك منه؟
إنني مفتونة بثقافات وأديان الشرق الأقصى. في الرقص والرسم والطهي، في الأزياء والغناء الخ. لقد اشتغلت على ذلك في رواية “التشهي” حين استحضرت المؤسسة العلاجية وحسب الشروط والقوانين الصينية والهندية. علينا الأقتراب من الآخر، أياً كان ولو لبضع خطوات ومن جانبنا علينا ان نحاول ذلك، ربما من اجلنا نحن بالذات، والتعرف على ثقافته ومطبخه وازيائه بجانب الذهاب إلى ما يستهوينا من أفلام وموسيقى وفنون آتية من الغرب أيضا .
– ترجمت رواياتك إلى العديد من اللغات الحية، فحبات النفتالين وحدها ترجمت ربما إلى أكثر من عشر لغات، وآخر ما تم ترجمته من رواياتك “الغلامة”
التي ترجمت إلى الفرنسية، ماذا يشكل لك هذا الأمر، وهل تجدينه يحدث بطريق عشوائي بحيث يخدم رواية دون أخرى؟ أو إنه وسيلة لإيصال أفكار معينة ينتقيها الغرب خدمة لقضاياه وليس وسيلة للتعبير عن قضايانا؟..
“النفتالين” ترجمت إلى سبع لغات، ولدي عروض من لغات لم يبت بها بعد. بعد كل هذه السنين تبقى الترجمة مهمة جدا في المجال الأكاديمي للدراسات العليا، للطلبة الأجانب الذين ينظرون إلينا كنماذج تستدعي منهم شطفنا بالماء والصابون لكي يظهر لحمنا الحي. عُمِل حول رواياتي الكثير من ذلك، ولقد قدمت النفتالين للتدريس في السوربون فترة عامين وحضرت في أحد الأعوام يوما دراسيا كاملا. كانت تجربة شديدة الثراء. لكن كل هذا لم يحفر عميقا في وجدان القارىء الغربي كما حفرت آداب غيرنا من الشعوب. أظن أن المترجمين الأجانب لأعمالنا أقل حرفية ومهنية قياسا للترجمة من اللغات اللاتينية، فهم من نسب وشجرة لغوية واحدة. كل الاعمال التي ترجمت من رواياتي وقعت بها أخطاء فادحة، وأحيانا قاتلة ومضحكة أيضا. وإذ أقول هذا فهو يعني فشل أو ضعف مريع في مشروع الترجمة إلى اية لغة عالمية، ومهما أدعى أو كابر الكاتب الفلاني أو الكاتبة الفلانية وقال خلاف ذلك.
– رواية “التشهي” وما أحدثته من لغط واسع امتد طويلاً وما زال، من أين استوحيت فكرتها؟ وكيف استطعت اختراق عالم الرجل الخاص، والتعبير عن خصوصية قد يعجز الكاتب الرجل التعبير عنها بهذا الشكل؟..
قبل هذا وغيره من اللغط الذي رافق وما زال رواية التشهي، التي منعت وحوربت هي أيضا. الأمر لا يتعلق فقط بمناقشة العنّة، أو العجز الجنسي لدى الرجل، الذي يعتبره جميع الرجال، والنساء أيضا، ولم لا، ازهاقا لذكورتهم ورجولتهم. حسنا ، هذا مضفور في نسيج الرواية وسرمد برهان الدين يعلن ويكشف ذلك أمام صديقه الطبيب الباكستاني. لكنني كنت وما زلت معنية، ومن الجائز ان اقوم بتطوير ذلك في أعمال قادمة إذا لم اغادر الدنيا؛ في محاولة البحث في الجنس وكيف يصبح المرء غير قادر على الحب وبالدرجة الأولى. معظم التعاطفات الجسدية ما بين الذكور والأناث تنطلق من هذا الوسط، أو هكذا يسعى أحدنا نحو الآخر، أو ينغمس به إلى الركبْ. الجنس وغيابه يهدد وجود الحب ذاته. الجنس رغم خطورته وهيمنته حالة عابرة لا تستغرق إلا ثوان، لكن التنسيق الأعظم والأخطر هو الحب. فلا يجوز حلول الجنس مكان الحب والاعتماد عليه كنوع من التعاطف. خطورته أن منعه يؤدي إلى الجريمة. فالجرائم الجنسية {غير الاشباع التام} لدى الملايين في جميع أنحاء العالم ولأسباب اقتصادية، دينية، وأجتماعية، نسبة تلك الجرائم مروعة ولا تصدق إذا ما قيست بعدد نسب جرائم الجوع للغذاء والطعام .
إن الموضوع الجنسي اليوم هو الذي يدع الرجل وفي ما حولنا وما يحدث أمامنا في بلدان العالم العربي والشرق، هو الاجهاز التام وعلى الأثنين سويا: على الجنس المتعافى، غير العنيف والمريض او البطاش بالمرأة، وبالحب الذي ينكره الآخر وبالتدريج. واللازمة التي سيقترحها علينا هؤلاء وأولئك هو ضبط غدد الكراهية والبغض واطلاقها في وجوه الجميع نساء ورجالا، عشاقا ومغرمين، نخبا وجمهورا عريضا. هذه حروب العرب والمسلمين القادمة.
– بماذا تشبّهين عملية الكتابة؟ ولماذا يشعر المتلقي بأنك تكتبين من أجل الانتقام وصب اللعنات والويلات، ولماذا يغص عالمك بالألم ولا يجد القارئ فيه مكاناً للفرح؟..
لم اتضايق يوما من شحة سروري، فالتشاؤم عندي خصب والشك يريح أعصابي، بالرغم من كوني شديدة المرح أطلق الفكاهة في وجوه اصحابي، لكنني اخفي وراءها الألم الرقراق. يسخر منا الفرح كثيرا ولم التق بحياتي مخلوقا فرحا، بالرغم من انني اردد في بعض الأحيان؛ افرحي فالله يحب الفرحان. ولكن هذا عبث. هي صيرورة وجودية لا علاقة لها بصب اللعنات على القارىء ،ولا أحد من الكتاب ينوي عمل ذلك. أكتب نصا طويلا عن الوحدة، وحدتي، التي تحولت إلى طريقة عيش ونظام غذائي وسلوكي، فحملتها على محمل الجد والتقدير، فوثقت بها المراحل الأكثر اشراقا وإبداعا في حياتي.
– ما هي أنواع الكتب التي تجتذبك وتجدين متعة في قراءتها؟ وما مديات تواصلك مع الرواية العربية في العراق؟
أقرأ الشعر كثيرا، وفي كثير من الأحيان أحاول القيام بترجمته كما عملت مع أحد نصوص الكاتبة الفرنسية ذائعة الصيت هيلين سيكسو. اقوم بهذا من اجلي بالدرجة الأولى فهو يعلم اتقان الشطب، والاكتناز في المعاني. أقرأ العلوم وأعشقها فعلا فهي تبوب فوضى دماغي. بالتأكيد أقرا الرواية العالمية المترجمة عن اللغات الحية. أقرأ الكتاب الورقي، أفضله. تستهويني وما زالت رائحة الورق واصابعي وهي تكتب الملاحظات بين الهوامش. لا يصلني من العراق أي شيء فأنا لا اعرف ماذا يحدث إلا عبر الصحافة العربية وبعض الصحف العراقية. أتابع فعليا ما ينشره الكاتب العراقي المهاجر أو المقتلع، أو ال بين بين، الذين يتوزعون بين أمكنة لا تخطر على البال.
– أية فكرة تشغل بالك الآن؟
اتصور حالي في حالة اطلق عليها نفاس الكتابة. امرأة تكتب في حالة من الانتشاء من هذا فهو يعلمها السكنى في بيوت من اصطفيتهم فعلا، فالتقي بهم ما بين الجادات العريضة ومقاعد المترو والقطارات السريعة، والوسائد النظيفة التي انام فوقها. هم أرقي وسهادي، صحتي وسقمي.
* كاتبة من العراق.
قاب قوسين 07/16/2013
جريدة دجلة