مقال “بوكس” رواية عالية ممدوح الصادمة، التي خضعت للمنع في معظم البلدان العربية، تبيح الكلام لامرأة تعرضت للاغتصاب والتعذيب من جانب النظام البعثي في سنوات 1960.

الكتاب: الغلامة
تأليف: عالية ممدوح
ترجمة عن العربية: ستيفاني دوجول

دار نشر “آكت سود”، 288 صفحة، 22 يورو
هذا الكتاب، الذي أثار ضجة كبيرة في العالم العربي وقت صدوره عام 2000، لو أتيح نعته بمفردة واحدة، لكانت “جسارة”. فالجسارة هي ما يشدد عليه تلقائياً قراء الكتاب ونقاده، جسارة المؤلفة، وجسارة المواضيع التي تتطرق إليها، وجسارة كتابتها، التي لم تنطلِ على مسؤولي الرقابة، فضربوا الكتاب بالحظر في أكثر البلدان العربية. القمع السياسي، البطش البوليسي، التعذيب، الاعتداء الجنسي، المثلية الجنسية الأنثوية… تتعرض عالية ممدوح إلى الأمور كلها التي من شأنها إثارة الغضب والنقمة. فقصة صبيحة، بطلة الرواية وراويتها، “قصة امرأة ضحية قسوة الأنظمة العربية، قصة عراقية انضوت إلى المعارضة، فزُجَّ بها في السجن، ونـُكـِّل بها أشد تنكيل، وتعرضت للإهانة، جسدياً ومعنوياً”. هكذا يختصر الرواية صباح زوين، على صفحات الصحيفة اليومية اللبنانية “النهار”. صبيحة، المناضلة الشيوعية إلى جانب الرجل الذي تحب في عراق ستينات القرن الماضي، تتعرض للاعتقال، فتـُخضع للتعذيب والاغتصاب أثناء الحبس. بعد إخلاء سبيلها، تكتشف أنها حامل، وأن حبيبها لقي مصرعه.
تسرد صبيحة معاناتها، بالحذافير، ومع سردها تمزج فورتها وغضبتها، لكن أيضاً أخيلتها المازوشية. هكذا، تتحدث عن الرغبة التي أججها عندها عطر أحد الرجال الثلاثة الذين جاءوا لانتزاعها من نومها لكي يقتادوها إلى المعتقل، وتروي كيف أنها استمتعت مسبقاً بتخيل جلسة الاغتصاب الجماعي الآتية لاحقاً على أيدي سجانيها. لم يفت معظم النقاد تسليط الضوء على اللغة المباشرة التي اعتمدتها عالية ممدوح لوصف غموض مشاعر المرأة، وحسيتها. ومنهم، ناقد “النهار”، الذي يؤكد: “عالية ممدوح لا تلجأ إلى الرمزية والمواربة والإيماءة، إنما تسمي الأشياء بأسمائها، فتفجِّر معانيها، وتعانق القلوب والعقول”. على الرغم من ذلك، مثلما تشير إليه العراقية لطيفة شعلان على موقع المفكرين الليبراليين العرب “الحوار”، فإن عالية ممدوح “لا تقع في فخ التفاهة أو الخلاعة، إنما تلتزم بمستوى لغوي رفيع”.
غالباً ما يشار إلى “الغلامة” كمثال عن أدب العشق الجنسي النسوي، الذي يشهد ازدهاراً مذهلاً في العالم العربي منذ نحو عشر سنوات (راجع في هذا الشأن مقال “جسارة العربيات” في مجلة “بوكس”، العدد 28، لشهري كانون أول/ديسمبر 2011- كانون ثاني/يناير 2012، ص 85 إلى 87). لكن، لا ينبغي اقتصار هذا الكتاب على بعده الحركي النسائي. بحسب صباح زوين، “إنه لا يروي قصة امرأة معينة وحسب، إنما أيضاً حكاية كائنات بشرية متعددة، تعرضت للبطش في أقبية السجون”. وعليه، مثلما خلص إليه الناقد، “تستأهل الغلامة تبوء منزلة عالية في قائمة الروايات العربية المعاصرة”.
__________