لقد تمكنت الكاتبة عالية ممدوح عبر تكوينها ، عبر تشكيلها لرؤيا مأساوية من الخراب ، رؤيا فذة ، رؤيا عراقية خاصة وخالصة ومتداخلة النسيج ، من ان تسبر، عميقا ، غورا ، ظل يعالج ، على مدى اربعة عقود دون ان يتمكن احد من ان يسبر غوره : ذلك هو حقيقة مايختفي تحت السطح البراق لعراق ، تصوره واراده كل العرب ، او اغلبهم ، على الاقل ، دجاجة تعطيهم بيضا من الذهب ( بينما لايأكل اهله ومن ينامون على التراب الذي يغطي ثرواته ويدافعون عن تلك الثروات ، سوى النفايات ، اللهم الا اؤلئك المقربون من حكامه الاشاوس ) غير مكترثين بمايحدث لهم من مصائب ، متغذين به ومنه – كالقراد على جلود البقر – في حين ان
اهله وابناءه طوحت بهم الافلاك في شتى ارجاء الارض وتغذت وتذوقت لحومهم حتى الاسماك والحيتان في
البحار والمحيطات ..!!
لقد كتبت( هذه الرائية بحق ، هذه الفنانة المأساوية ) عندئذ ، شيئا هائلا ، شيئا مخيفا ، شيئا مذهلا في سوداويته
ولقد ابكانا نحن
، على الرغم من اننا كنا نعرف كنه محتواه وحقيقته ، كما تعرفها الكاتبة على حد سواء ..!
فعلت ذلك مختارة ليلة ساخنة جدا ( كل الايام عندنا وكل الليالي ساخنة بما فيها ليالي الف ليلة وليلة والحمد لله
ولاينقصنا شيء من السخونة على الاطلاق ) من تاريخ العراق ، هي ليست سوى – النقطة النحس – التي تدفق
منها الرعب الاسود الذي تجرعه العراقيون ولازالوا يتجرعونه الى يومنا هذا وسيتجرعونه الى ماشاء الله :
اندفاع مجموعة من – الواوية المستفرسة – لا لأنها مستفرسة ، صدقا ، وانما لأنها ليست الا واوية ، اي لاتتشجع الا مجتمعة ، وهجومها على وزارة الدفاع مستهدفة حياة الزعيم الاوحد ..!!
ان الكاتبة هنا قد تمكنت من ان تصوغ لنا رواية ، بقالب فريد وفذ ومبتكر ومع ذلك لاعلاقة له بكل القوالب وبكل
ما الفناه منها .
كانت رواية الغلامة ، دمعة لاتكفكف ..( زهرة مجعوصة ) .. مدية تقطر دما قبل الاوان ، عضو تناسلي لايخلف سوى الخراب ..!!
انها بهجة ، انها لوعة قاتلة ، انها بكاء مرير ، انتحاب اسود ، عجز مشلول ، عويل مابعد منتصف الليل .
اندلاع بذرة الكراهية في اوردة الغضب ، نبتة غريبة ومسمومة ، تلكؤ البراءة في مواجهة سحنة الهمجية
ذكاء محصور بمصيدة الغباء .. غباء يأمر فيأتمر له الذكاء ، دم يشخب، فاجعة ، قيامة سرية ، رحم يسمى بقعة ، بقعة هي عبارة عن رحم مستباح للدود والغلمان ..
انبهار بما هو مألوف ، حيرة امام ماهو غير مألوف ، طامة سوداء ، ألسنة لهب تشب في بنود لاتقدر بثمن ..
نبض وتخريب .. ابتكار .. شهقة .. انقاض .. استغاثة .. يأس مراوغ .. نبذ في العراء ، وبغضاء لايستطيع
الله ذاته ان يمحوها من القلوب ، او ان يعوض ضحاياها حتى لو منحهم سند ملكية جناته الواسعة جميعها .
مخلفات ذرية .. انزواء قانط .. واوية مستفرسة واسود منزوعة المخالب والانياب .. برق خلب ، صاعقة
منقضة .. فتاة محصورة الافخاذ بين افخاذ القتلة .. قتلة يرشون عطرا ليس لهم على ملابسهم ، في غرف
الفتيات الجامعيات عند ، منتصف الليل
ذكورة قاحلة لاتترفع عن مضاجعة حتى الكلاب ذاتها، وانوثة مهدورة حتى للكلاب والجرذان ذاتها ..؟؟
استاذة للغة العربية تريد اقناع الذئاب وتأمل ان يصدقوا ، انها شاعرة افقية وليست عمودية ، متوهمة ان
الذئاب ايضا يمكن ان تكترث للشعر وتفرق بين ماهو عمودي منه وبين ماهو مستطيل او دائري او مربع .!!
نزوة .. لعب .. ترهات .. رفاق مغدور بهم .. بيضات تتلألأ شاهقة على جذع نخلة بين فخذين عفيين
طرقات مزروعة بالعسس لاتسقى جذورها الا من عرق ودم البائسين ..؟؟
اسباب تقطعت بها السبل ، سبل تقطعت بها الاسباب ..!!
احلام مبددة في الطريق الى اللهفة .. سائل منوي لايثير الا الغثيان يغطي بقعة متشنجة .
ثمرة احشاء ليست مباركة لاتعرف حتى الام ذاتها من اية نطفة أتت .
وحشة مستميتة من اجل اثبات ذاتها .. اعماق مدراء تحتاج الى من يترجمها تماما كما تترجم الكتب ..؟؟
صبوات بائدة ، تبحث عن قلوب مطمئنة لتسكنها..قلوب تبحث عن صبوات طازجة لتغذيها.. دفاتر بنات ممزقة مع خواطرها الساذجة ..!!
خيبات ليس لها من عزاء .. و ……………………………….
ضوء ضئيل ، بعيد ، ينبض – غشيما – كقلب الجنين ، محاطا
بالظلمات ، لايكاد يبين او يصمد لنسمة ريح .
ملاحظة :
الواوي : يعني الثعلب بلهجة اهل العراق والشام ، الا انهم ( معا ) عندما يستخدمون هذه الكلمة فانهم
يحملونها معنى اكثر تحقيرا ، مما يمكن ان تحتمله كلمة ثعلب الفصيحة ..
والواوي له صفة خسيسة معروفة ، وهو انه اذا تصادف ان التقى بانسان وحيد غير مسلح واعزل في
طريق مقطوع ، فسوف يسارع للابتعاد عنه ، جبنا من عند نفسه واتقاء ، وكذلك يفعل اثنان من الواوية ايضا .
ولكن اذا كانت ثلاثة فما فوق ، فانها لاتسارع الا الى مهاجمته ، في محاولة شرسة منها لافتراسه .
تلك تجربة خضتها بنفسي واعرفها جيدا ، وحين استفسرت عنها بعض الناس في الارياف ، اكدوها لي ..