تأنيث الاعتراف، سرد ال”أنا” في الكتابة النسائية العربية الحديثة لمحمود عبد الغني

صدر عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، كتاب “تانيث الاعتراف، سرد ال”أنا” في الكتابة النسئية العربية الحديث، ويقع في 160 صفحة من القطع المتوسط. ويضم
دراسة مطولة ونصوصا لكاتبات عربيات منهم سالمة بنت سعيد بنت السلطان قابوس، نوال السعداوي، فاطمة المرنيسي، ليلى أبو زيد ، عالية ممدوح، فاطمة أوفقير، ريم هلال وكاتبات اخريات. نقتطف من دراسة
الكتاب هذا المقتطف:
“هذا الكتاب ليس دراسة في السيرة الذاتية النسائية، ولا مقارنة بين هذه السيرة الذاتية وبين السيرة الذاتية التي خطتها أقلام الذكور. إن المقارنة ستصل إلى طريق مسدود، هذا إذا لم تؤد إلى نتائج مضحكة، مثلما حدث في مجال المقارنة بين “رواية الرجال” و “رواية النساء”. وفي مجال النقد اللاذع والإنكار الفظيع للرواية النسائية. فهناك من حاول إقناع القُرّاء بأن بعض الروايات النسائية كتبها رجال وأعاروها لنساء.
وكأن الرجل يلقن المرأة الكلام واللغة والسرد. في تناس تامّ لتلك الأعجوبة الأدبية: “ألف ليلة وليلة”، حيث تبرز قضية تأنيث القول، وتلقين الرجل السرد في شكل شيق.
إن هذا العمل هو بكل بساطة بؤرة اجتمعت فيها نماذج من السيرة الذاتية النسائية. لكنه، مع ذلك، فهو كتاب لا يخلو من مقارنة.
لقد ظل تاريخ الأدب ينظر إلى السيرة الذاتية عبر مدونة ذكورية من النماذج، وكأن هذا التاريخ قافلة بلا نساء. ولا نحتاج اليوم التأكيد على أن الأدب، وكل ما يرتبط به من تفكير ومقاربات وأسئلة، هو مرآة وفية لمرحلتها. بل إن ما نحتاج التأكيد عليه هو أن الأدب يعكس صورا عن الأحكام الاجتماعية المُسبقة، هي حتميا محرّفة بالمُفترضات الثقافية. وإنه لم المؤكد أن طرح قضية أدب المرأة، ومقاربة طبيعة نصوصه وأجناسه وتأطير أسئلة حوله، هو بالضرورة تناول لمسألة “النسوية” في المرحلة التي أنتجت ذلك الأدب، أي البحث عن نقط التفرّد الكامنة في وضعها مقارنة مع وضع الرجل. وسيجد الباحث نفسه يخوض في حقل غني من الأفكار، وأمام رغبة في إبداع أفكار جديدة، وإنتاج آليات مقاربة حديثة هي من صميم قرن الحداثة الذي نعيشه بزخمه وازدحامه، حيث كل شيء يبحث عن معنى، بما في ذلك مصطلح “المعنى” نفسه.
سندع النصوص، التي نقدمها في هذا الكتاب، تجيب بنفسها عن هذه الأسئلة. وسنعتمد على عناصرها ونسيجها الكلي، وأسرارها الخاصة، في طرح خلاصات نابعة منها باعتبارها إنتاجا أدبيا في المقام الأول. كما سنبحث في المحاور المشتركة بينها وبين نصوص من آداب أخرى، تبرز فيها مسألة “الذات” منظورا إليها من طرف هذه الذات “نفسها”. إذ أن هذا الإنتاج الأدبي الذاتي هو بمعنى ما تحليل ذاتي، إذا ما استعملنا مفاهيم التحليل النفسي. هو رسم لحياة وتصوير لهوية في غمرة انخراطهما في تجربة العالم. فيعدما كانت المرأة “موضوع أدب”، و”موضوع فلسفة”، طيلة قرون أصبحت منتجة لهذا الأدب، منخرطة فيه وحاملة إليه رؤيتها وتجربتها وأيضا تصويباتها وتقويماتها للصورة التي رسمها لها الكاتب الرجل. لقد انخرطت المرأة إذن في لعبة أدبية تجاوزت أدب الغزل الذي أرهقها قرونا، وبذلك استحق صيغة “ب.
زومثور”: “هرمسية بورجوازية”، قضت قرونا في التعمية والحديث عن موضوعات محدودة: العشيقة، الزوجة، الخائنة، الأميرة، الجميلة الصامتة، طفلة في مختبر التربية، المتديّنة”.

http://www.alittihad.press.ma/def.asp?codelangue=29&id_info=197221&wss=1Y09io000101