حوار – مجوهراتها قاسم مشترك بين سعاد حسني والملكة رانيا وكاترين دونوف وناومي كامبل الفنانة عزّة فهمي: أنقل إلى الغرب موروثنا الثقافي وحكمنا وقيمنا ومثلنا – زيت كرم


تخفّت في زيّ رجل لتدخل خان الخليلي في القاهرة، فكانت أول امرأة تتدرب على يد صانعي الحلى في أحد أعرق الأسواق في الشرق. بدأت من النقطة الصفر ووصلت إلى العالمية، حتى
باتت لها سلسلة من المتاجر حول العالم وشركة تحمل اسمها يعمل فيها مئة وسبعون موظفاً، فاندرج اسمها، عام 2007، على قائمة صاحبات الأعمال الـ 25 الأكثر نفوذاً في الشرق
الأوسط الصادرة عن “فايننشال تايمس”. إنها سفيرة وإن من دون منصب. سفيرة التراث العربي الذي جالت به القارات الخمس، من خلال مجوهراتها الشرقية الفريدة التي اخترقت المتحف
البريطاني واللوفر الفرنسي. عزّة فهمي امرأة تثير… الغَيْرة!

¶ قصصت شعرك وارتديت ثياب العمال لتدخلي خان الخليلي، راميةً جانباً شهادة التصميم الداخلي ووظيفة مرموقة. أهو ضرب من الجرأة أم من الجنون؟
– أردت أن أعمل في هذا المجال على طريقتي الخاصة، فانطلقت لا من حيث ينطلق الآخرون بل من المدرسة الحرفية التقليدية. لكن بعد الفترة التي أمضيتها في خان الخليلي عدت
وصقلت موهبتي، فتخصصت في لندن بمنحة من المجلس الثقافي البريطاني.
¶ أتذكرين أول خطوة خطوتها نحو النجاح؟
– فتتحت أول متجر عام 1981. بعد سبع سنوات من هذا التاريخ، بدأ عملي يتوسع داخل بلدي مصر ما أدى إلى افتتاح ستة متاجر إضافية. اليوم، لدى شركتنا عشرة متاجر في منطقة
الشرق الأوسط، كما أننا نصدر كميات كبيرة من منتجاتنا إلى العالم الغربي. انسجاماً مع خطة التوسع الداخلي والخارجي، افتتحنا مصنعاً متكاملاً، عام 2002، وستوديواً للتصميم.
¶ كنت أول من وضع عبارات بالخط العربي على المجوهرات التي تصممينها وتنتجينها. ألم تخشي ألا يتقبل المجتمع الغربي هذه اللمسة التراثية العربية؟
– تراثنا غني إلى درجة نجهلها، ومهما فعلنا لن نعطيه حقّه. التزامي هذا الأسلوب يعطي المجوهرات التي أصممها هوية، بحيث أن كل من يراها يعرف، من دون تردد، أنها من توقيع عزّة
فهمي. القطع الشرقية تأتي منسجمة مع الملابس الغربية وتشكل سحراً خاصاً!
¶ لا يخطر في بال أحد أنكِ، مع ابتكار كل نسق جديد من التصاميم، تنكبّين مع فريق من الخبراء، على دراسة حضارة بأكملها. كيف تنعكس هذه الأبحاث على التصميم؟
– التطور يتطلب الكثير من الجهد والمثابرة. البحث الأكاديمي مهم جدا، وأنا أتعمد التعاون مع عدد من الباحثين لإنتاج القطع. هذا ما قمنا به في مجموعة “رموز”، مثلاً، التي ضمّت قطعا
تعتمد على الموروث الشعبي مثل الكفّ، الخرزة الزرقاء، السمكة والعين. فقد تعاونت، على مدى ستة أشهر، مع عدد من الباحثين في التراث العربي في تونس، ووجدنا 18 رمزاً (موتيفاً)
تستخدم للحماية. لذا أصدرنا كتيباً مع مجموعة “رموز” لشرح ذلك. أما مجموعة الحلى الفرعونية، فقد استلزمت عشر سنين من الأبحاث! لم نضع خطا واحدا من التصميمات إلا سبقته
دراسات لمتخصصين. فالقطع التي ننفذها ليست للزينة فقط، بل تحمل مدلولاً تاريخياً. أنتجت، منذ فترة، مجموعة صغيرة تحت إسم “إهداء خاص لمصر” تعبّر عن التفاؤل والحرية،
مستوحاة من القصائد والأغاني الوطنية التي كانت تنشد أثناء الثورة.
¶ خمسٌ وأربعون سنة زيّنت مجوهراتك خلالها أكثر من جيل، من سعاد حسني، ونضال الأشقر وكاترين دونوف، إلى يسرا وبوسي، ثم الملكة رانيا، فالنجمات ريانا، وناومي كامبل،
وجوس ستون، وجيليان أندرسون… هل تصممين مجوهرات على الطلب بحسب شخصية طالبها؟
– نعم، أصمم الحلى لأفراد بحسب شخصياتهم وقد قمت بذلك مرات عديدة. إنها تجربة مميزة تتطلب الكثير من الدقة والوقت، وأنا أشعر بالفخر والحنين كلما رأيت شخصاً يرتدي قطعة من
تصميمي.
¶ أتعتقدين أنك نقلت إلى الغرب رؤية مختلفة عن ثقافتنا العربية من خلال مجوهراتك؟
– لا شك. كل قطعة تحمل في طيّاتها رسالة ما، سواء بالكلام أو بالزخارف. هي وجه ثقافي نجول به العالم. يسرّني أن أنقل حضارتنا بصورة لا تُنسى وأن أعبّر، بالحلى، عن قيم عالمية
كالحكمة، العمل، الإخلاص، إلخ. فقد ألجأ إلى مقتطفات من الأمثال الشعبية أو الأغاني القديمة كما حصل في مجموعة “ثومة” للعظيمة أم كلثوم، كما أنتقي ما يحلو لي من قصائد الشعراء
وأبرزهم جبران خليل جبران.
¶ أي من الحضارات كانت الأكثر إلهاماً بالنسبة إليك؟
– المجوهرات التي صممتها لم تقف عند الروح المصرية الخالصة التي ألفها الجمهور، بل تخطتها وغرفت من ثقافات أخرى. لقد افدنا من آفاق كثيرة، منها العصر الفيكتوري والحقبة
الفرنسية القديمة، التراث الفاطمي والأيوبي والمملوكي، وكذلك تاريخ المغول والسلاجقة. ننفتح باستمرار على مختلف الثقافات والحضارات، ولكل منها أهميتها وخصوصيتها.
¶ كيف استطعت أن تحشدي هذا الإعجاب العالمي من دون التخلي عن هوية علامتك التجارية؟
– المفتاح هو، باختصار، التلاقي بين الفكرين الشرقي والغربي من خلال النقاش، لاختيار الأسلوب الأمثل.
¶ أسست مدرسة لتعليم فن تصميم المجوهرات كي تضمني تناقل خبرتك وحرفيتك من جيل الى آخر. هل كان الهدف ألا تتمحور مؤسسة عزة فهمي حول اسمك فقط فيكتب لها
الاستمرار؟
– طبعاً! أردت أن أنقل تجربتي إلى الراغبين في دخول هذا المجال، وهم كثر اليوم. من هذا المنطلق أسست “ستوديو ومدرسة تصميم عزة فهمي للحلى”، العام الفائت، وهو مشروع
مشترك مع “ألكيميا” Alchimia، وهي مدرسة للتصميم المعاصر في فلورنسا، إيطاليا. أردت أن تقام هذه المدرسة في منطقة الفسطاط في مصر القديمة لأني أعشق التراث. يتعلم
رواد هذه المدرسة كل التقنيات والأساليب، من المجوهرات المعاصرة إلى كيفية استخدام الصيغ التراثية، ولا سيما التقنية التي أعتمدها والتي لم تعد تُستخدم في أيامنا هذه. المهم أن يحافظوا
على اللمسة التراثية للحرفة، وأن يتعلموا فن الخط العربي أيضاً.
¶ هل عرفت الإحباط؟
– ما أعرفه هو الشغف، وهو وحده دفعني للمضي قدماً فوصل بي إلى حيث أنا اليوم.
14 نيسان 2014

 

http://newspaper.annahar.com/article/125073-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1–%D9%85%D8%AC
%D9%88%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-
%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%AD
%D8%B3%D9%86%D9%8A-%D8%AD%D8%B3%D9%86%D9%8A-
%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9-%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-
%D9%88%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%88%D9%81-
%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%85%D9%8A